الاثنين، ٢٩ صفر ١٤٣٣ هـ

بوعلي: مسألة الحرف الصالح لكتابة الأمازيغية غير محسومة

بوعلي: مسألة الحرف الصالح لكتابة الأمازيغية غير محسومة

بوعلي: مسألة الحرف الصالح لكتابة الأمازيغية غير محسومة
من خلال الاستطلاع الذي نظمته "هسبريس" خلال الأسبوع الماضي، حول الحرف الصالح لكتابة الأمازيغية. فإن عدد المشاركين وصل إلى حدود: 94510، حيث اختارت نسبة 47.93 % الانحياز لكتابة الأمازيغية بالخط العربي، فيما اختارت نسبة 41.33 % الكتابة بخط تيفيناغ، بينما ذهبت نسبة 4.94 % إلى كتابة الخط باللاتينية.. مع الإشارة إلى أن هذا الاستطلاع أثار ضجة عبر الانترنيت في المدونات والمنتديات والمواقع الاجتماعية بين مؤيد لهذا الاستطلاع ورافض له، ومنهم من شنع على "هسبريس" فتحها لهذا الاستطلاع ما دام الأمر قد قضي بالحسم من خلال خط تفيناغ، ما يعني أن الموضوع بات متجاوزا وغير ذي جدوى في الوقت الراهن، خاصة مع بداية فتح الورش اللغوي بشكل شمولي كما يحيل على ذلك التصريح الحكومي. غير أن عدد المشاركين والإقبال على الاستطلاع، يؤكد الدكتور فؤاد بوعلي، أثبت أن الأمر "غير محسوم بالمرة وأن القرارات الفوقية التي تفرض على المجتمع لا تنهي النقاش بل تبدأه".
ويقدم، الدكتور بوعلي، الباحث في اللسانيات والرئيس الأسبق للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، والذي ينحدر من أصول أمازيغية، مثالا بالنقاش الذي صاحب التعديل الدستوري ومآلاته، وتبين فيما بعد أن التعديل لم ينه النقاش حول الواقع اللغوي والهوياتي بل فتح فيه آفاقا كانت مغيبة. لذا فالأصل في الفاعل السياسي، يضيف بوعلي في اتصال مع "هسبريس" " أن يكون عمله نتاجا للنقاش المجتمعي وليس فرضا لرؤية معينة تتعامل مع المجتمع كمخبر تجارب وليس ككائنات فاعلة في الموضوع".
وإذا تجاوزنا المقاربة التقنية للاستطلاع ومدى صدق أداته واختيار مجتمع الدراسة وغيرها من المعايير التقنية، يرى الباحث الأكاديمي، أن الاستطلاع قد نجح نسبيا في تقريبنا من الصورة الحقيقية للنقاش حول الحرف بعيدا عن المزايدات الإيديولوجية والإثنية والعقدية. ويمكن أن نستشف ذلك في الملامح التالية:
1) مازال بعض المنتمين إلى التيار الاستئصالي في الحركة الأمازيغية يراهنون على جدوى الحرف اللاتيني. وفي التبريرات التي تقدم عادة أن الأمازيغية تحتاج في التعليم والنشر الورقي والإلكتروني والتواصل والتكنولوجيا إلى الحرف الذي يضمن اندماجها السريع والفعال في تلك الميادين إلى الحرف اللاتيني. هذا التبرير هو البادي من الصورة، لكن المضمر هو تغيير لوجهة الانتماء وتقديم منظومة قيمية مغايرة وارتباطات مخالفة لواقع الأمة. لذا، فالاستطلاع كان صريحا في توصيف حجم هؤلاء: (4.94 %)، لأن وجودهم الحقيقي افتراضي وليس واقعيا.
2) ذهب غالبية المشاركين(47.93 %) إلى القول بالحرف العربي كآلية بصرية في التعبير عن الأمازيغية وتقديمها للمجتمع. وهذا الرأي الذي يجد سنده في الحاجة المجتمعية للتعبير عن المشترك الجمعي بين المغاربة والقناعة بكون الدفاع عن الأمازيغية لا يتم بمفاصلتها عن واقعها الحضاري الذي يتواصل بالعربية التي مكنت المجتمع من الحفاظ على مقومات تماسكه وأمله في الانتقال إلى مجتمع المعرفة. فمن البساطة بما كان الحديث إلى الإنسان العادي في الشارع ومساءلته عن الحرف الأقرب لفهمه ليؤكد أنه الحرف العربي الذي دون به القرآن والحديث وباقي العلوم الإسلامية، والحرف الذي هو أقدر على التواصل الرسمي في المخيال الجمعي، ولذا لا يستطيع النشطاء الأمازيغ حتى الأكثر تطرفا أن يكتبوا بغيره، وإن فعلوا فلا أحد يهتم لأمرهم. لذا فلا عجب إن كان جل المغاربة قد آمنوا به وسيلة لقراءة الأمازيغية.
3) يمكن أن يشار كذلك إلى أن عددا من المشاركين قد قالوا بتيفناغ حرفا للأمازيغية (41.33 %) . وفي هذه الفئة يمكن أن نجمع صنفين: صنف يؤمن بكون اعتماد تيفناغ أهون من اعتماد الحرف اللاتيني، وصنف آخر يرى فيه تميزا بصريا عن الحرف العربي واللاتيني ومفاصلة عن الثقافة العربية الإسلامية. وفي الحالتين فهو رأي معتبر ويمكن أخذه في كل نقاش علمي حقيقي وإن كنا نختلف معه جذريا.
واعتبر الدكتور بوعلي أن نتائج الاستطلاع السابق في "هسبريس" حول خط كتابة الأمازيغية، هي تعبير صادق إلى حد كبير عما يروج داخل المجتمع يجعلنا نطرح سؤال الحرف من جديد مادام الحسم العلمي غير نهائي.
فالقول بوجود حرف أمازيغي، يخلص الدكتور بوعلي في قراءته للاستطلاع التي خص بها "هسبريس"، هو من قبيل الاجتهادات العلمية المحترمة لكن غير المحسومة لأنها تقوم على الفرضيات المقاربة للنقوش الصخرية في بعض المناطق بشمال إفريقيا. "فإلى اليوم لا نتوفر ولو على نص واحد ، نثريا أو شعريا كان، أو كلمة ( اسم – فعل..) أو جملة واحدة مقروءة وذات دلالة و حاملة لمضامين" (محمد أقديم). وإذا لم نرم الدخول في هذا النقاش العلمي وهو ما لم تقصده جل المشاركات المتعددة، فإن بناء ثقافة مشتركة لن يتأتى بالمفاصلة عن واقع حضاري تراكمت فيه عناصر هوياتية متعددة، بل البحث عن المشترك وقد يكون الحرف العربي أحد هذه المداخل.
http://hespress.com/videos/46051.html

ليست هناك تعليقات: